.قصة عثمان بن أرطغرل تاريخيًا . من هو عثمان بن أرطغرل
هو فخر الدين قره عثمان خان الأول بن أرطغرل بن سليمان مؤسس السلالة العثمانية، والملقب بأبو الملوك، وزعيم عشيرة قايي من أتراك الأوغوز، والدته حليمة خاتون، ولد عثمان في مدينة سكود عام 1258م، وصادف يوم ميلاده غزو المغول لمدينة بغداد، عاصمة الدولة العباسية.
نشأ عثمان في عشيرة متنقلة، لذلك برع في المبارزة بالسيف، ورمي النبال، وركوب الخيل، وتعلم الدين الإسلامي، واكتسب الكثير من المهارات التي ميزته عن إخوته، كما اشتهر بالصدق، والشجاعة، والعدل، وكان قائدًا عسكريًا ذو مكانة عالية، الأمر الذي سهل انتقال السلطة إليه بعد وفاة والده الأمير أرطغرل، وذكر في بعض الروايات أن عثمان وصل إلى الحكم بعد معركة مع أقاربه، وكان عمه من بينهم، واستطاع تحقيق العديد من الفتوحات في عهده، وتأسيس الدولة العثمانية، وإكسابها القوة.
لم يكن عثمان أكبر إخوته ومع ذلك استطاع استلام السلطة نظرًا لحنكته السياسية، والعسكرية، ونظرًا لأنه كان قائدًا لقبيلة من البدو، فقد كان يبحث دائمًا عن موطن لقبيلته بدلاً من الترحال، والتنقل الدائم.
لم يلقب عثمان بالسلطان في حياته، وإنما اكتسب هذا اللقب بعد وفاته، وكانت حياته بعيدة عن الترف والبذخ، وكان يميل إلى بساطة العيش، ومحافظًا على العادات التركية التي تحدد طبيعة العلاقة بين الشيخ، وأفراد العشيرة.
توفي السلطان عثمان عندما كان على مشارف مدينة بورصة، فقد حاصرها مدة 10 سنوات، وداهمه المرض نذاك، فترك قيادة الحصار لابنه أورخان، الذي فتحها في أول حكمه
تأسيس الدولة العثمانية
ابتعد السلطان عثمان في غزواته عن الحرب مع المسلمين في الأناضول، بل اتجه نحو الأراضي البيزنطية، وتمكن من توسيع حدوده، والوصول مع عشيرته إلى سواحل بحر مرمرة، والبحر الأسود.
وعندما استطاع المغول القضاء على السلاجقة، تمكن عثمان من استغلال الفرصة، وتوسيع إمارته في الأناضول ليحقق حلمه في إنشاء دولة قوية للأتراك مرهوبة الجانب، قوية من الداخل والخارج، عرفت بالعثمانية نسبةً إليه، ولقب نفسه بالسيد الملك “باديشاه”، وأعلن استقلاله التام عن السلاجقة حتى عام 1326م.
اتجه عثمان بن أرطغرل إلى أمراء الأناضول الروم ليفرض عليهم الإسلام، فاستجاب له بعضهم مثل الأمير ميخائيل كوسة الذي تقرب من السلطان عثمان فيما بعد، أما من لم يستجب لدعوة عثمان للإسلام فقد خيره بين الجزية، أو الحرب، وبذلك توسع سلطانه ليشمل العديد من الإمارات الرومية، ومن بينها مدينتي أزميد، وإزنيك، فقد ازدادت مساحة حكمه أربعة أضعاف عن مساحة حكم أبيه، ثم اتجه لتحقيق حلمه في بسط سيطرته على مدينة بورصة.
حاصر السلطان الغازي عثمان بن أرطغرل مدينة بورصة مدة عشر سنوات على كافة الأصعدة السياسية، والاقتصادية، والعسكرية، حيث بنى قلعتين بالقرب من مدينة بورصة لمنع وصول الإمدادات إليها، واستولى على جميع المدن المحيطة بها، وبدأ بحصارها عام 1317م، ولكنها فتحت على يد ابنه أورخان عام 1326م، الذي بشره بفتحها قبل وفاته مباشرةً، ودفن هناك عن عمر يناهز ال 70 عامًا، وجعل أورخان من بورصة عاصمة لدولته واستمرت كذلك طيلة 40 عامًا.
استلم أورخان الحكم بعد وفاة أبيه، وكان عمره 41 عامًا، ولم يكتفي بفتح مدينة بورصة التي بدأ حكمه بها، بل تابع فتوحاته للمدن البيزنطية، وتمكن من توسيع رقعة حكمه، فقد زادت مساحة الحكم في عهده 6 أضعاف ما كانت عليه في عهد والده، الأمر الذي أكسبه العظمة، والشرعية أمام الإمارات الأناضولية التركمانية أيضًا، واستطاع فتح مدينة إزنيق التي كانت في أهمية مدينة بورصة، وما إن زادت قوة أورخان، وانتشرت أخبار انتصاراته حتى واجهه الامبراطور البيزنطي أندرونيقوس الثالث في معركة ييليكانون، حيث هزمه أورخان، وزادت قوته أكثر، وبسبب هذا النصر استطاع بسط سيطرته على آسيا الصغرى، والتخلص من سيطرة البيزنطيين على هذه المناطق.
وعلى الرغم من الفتوحات التي قام بها السلطان عثمان، إلا أنه لم يكن يمتلك جيشًا منظمًا، فكان يعتمد على رجال العشيرة الذين كانوا يعملون في الزراعة أصلاً، وفي الحروب يتم طلبهم، لذلك قام أورخان بتأسيس جيش قوي منظم، ومتدرب، أصبح فيما بعد قوة عسكرية، وخطرًا حقيقيًا على الأعداء.
وبهذا يكون لعثمان ومن بعده ابنه أورخان الفضل الكبير في نشأة الدولة العثمانية، التي امتدت من أسوار أنقرة في آسيا الصغرى إلى تراقيا في البلقان.
علاقات عثمان بن أرطغرل السياسية
تزوج عثمان بن أرطغرل من زوجة الشيخ “إده بالي”، الذي كان يتقرب منه منذ صغره لينتفع من علمه، وكان زواجه خطوة سياسية موفقة، فقد كان الشيخ قائدً للفرقة البابانية التي شنت الحروب ضد سلاجقة الروم، وقام عثمان بتوطيد علاقاته السياسية مع جيرانه، فجمع بين العادات التركية، والتقاليد الإسلامية، والبيزنطية بما يتناسب مع تطلعات إمارته، وتعاون مع قادة الروم، الأمر الذي وطد العلاقة بين المسلمين، والروم، أما علاقته مع المغول فقد كانت عدائية، كما تحالف مع الآخية الفتيان الذين كانوا يتبعون الشريعة الإسلامية في أمور حياتهم، وتحالف أيضًا مع القبائل التركمانية في الأناضول.
الغزوات التي قام بها عثمان بن أرطغرل
فتح قلعة( قولاجه حصار)
وضع السلطان عثمان أمام عينيه في بداية حكمه التوسع على حساب البيزنطيين أولاً، فبدأ بغزو الثغور البيزنطية عام 1295م، واستطاع فتح قلعة “قولاجه حصار” البيزنطية، حيث اقتحمها ليلاً واستطاع ضمها إلى ولايته، ولقبه السلطان السلجوقي بلقب “بك” وأولاه أمر الأراضي الجديدة التي فتحها، وسمح له بطباعة اسمه على العملة المتداولة هناك، وقام بتحويل الكنيسة فيها إلى مسجد للمسلمين، وانطلق بعدها إلى بلاد الروم.
فتح قلاع “بيله جك” “ويار حصار” و”إينه كول”
بعد الفتوحات التي قام بها عثمان بن أرطغرل، وخاصة غاراته على قلعتي “كوينوك” و”ينيجه طاراقلي”، عرف بنوايا صاحبي قلعتي “بيليه جك” و”يار حصار” بالقضاء عليه، فما كان له إلا أن دبر المكائد العسكرية لاقتحام القلعتين، وفتحهما، ثم سعى إلى حصار “إينه كول” لمنع أي تحالف ضده، وتمكن من فتحها أيضًا.
في النهاية نجد أن عثمان بن أرطغرل هو المؤسس الفعلي للسلالة العثمانية، فقد توالت على الدولة العثمانية خمس وثلاثون سلطانًا من نسبه، حتى سقوطها عام 1918م، بسبب هزيمتها في الحرب العالمية الأولى.